الارشيف / اخبار الخليج

27 يوماً فقط

شكرا لقرائتكم خبر عن 27 يوماً فقط والان نبدء باهم واخر التفاصيل

متابعة الخليج 365 - ابوظبي - ابحث في اسم الكاتب

تاريخ النشر: 19/08/2018

استمع

د. حسن مدن

ثلاثة أشياء تلزم إيان رانكين الحاصل على «الجائزة الدولية لأدب الجريمة» كي ينجز المسودة الأولى لرواية من رواياته هي: العزلة والقهوة أو الشاي، والموسيقى.
لا مشكلة مع تحضير القهوة أو الشاي، فذلك متاح في أي وقت وفي أي مكان، لكن المشكلة في توفير مناخ العزلة اللازم للانصراف كلياً للعمل. في حال عدم توفر العزلة يشعر بأنه يخوض وسط الوحل: رنّات الهاتف، صوت جرس الباب، التسوق الذي ينبغي أن يقوم به، الرد على رسائل البريد الإلكتروني العاجلة.
لكن رانكين محظوظ، فلديه بيت آخر يقع في الساحل الشمالي الشرقي لإسكتلندا، على بعد ثلاث ساعات ونصف الساعة بالسيارة من إيرلندا. هناك يتوفر له ما هو غير متاح في المدينة: تغطية شبكة الهاتف المحمول ضعيفة للغاية، ورقم الخط الأرضي في المنزل لا يعرفه أحد حتى وكيل أعماله والناشر المعني بمتابعة سير عمله على الرواية الجديدة، وإلى ذلك فإن البيت خالٍ من التلفزيون.
في جوٍ مثل هذا يكفيه، على ما يقول، سبعة وعشرون يوماً، لا أكثر، لإنجاز مسودته الأولى. بعدها لن يكون عليه، في المسودة الثانية، سوى تلميع ما كتب، وتصحيح الأخطاء في التسلسل الزمني والجغرافيا، فضلاً عن وضع اللمسات النهائية على الشخصيات، لكنه يستدرك قائلاً: رغم أني أفرغ من مسوداتي الأولى في وقت قصير، إلا أنني أكتب بتمهل أكثر في كلٍ من المسودتين الثانية والثالثة، وبعد هذه الأخيرة فقط أسمح لناشري ووكيل أعمالي أن يلقيا نظرة على العمل.
ليس لدى إيان رانكين وقت محدد للعمل؛ فقد يبدأ يومه في الحادية عشرة صباحاً، أو في الثانية بعد الظهر، أو في السابعة مساء، وحين يتوقف عن الكتابة لتناول الشاي أو القهوة، فإنه يحدق في غلاية الماء وهو يفكر في السطور القليلة القادمة التي عليه أن يكتبها.
وحين تعترضه مشكلة ما، وهو يكتب، كأن يشعر بأنه وصل إلى طريق مسدود يعيق القص، يذهب للمشي، وأحياناً يهاتف زوجته كي يتحدث معها حول تلك المشكلة، فهي غزيرة القراءة، وطالما ساعدته في التغلب على ما يعترض تدفق فكرته أو سير أحداث روايته.
ليس من عادته أن يعود بين الحين والآخر إلى ما يكتبه ليدخل عليه تعديلات، فهو يحبّذ أن يفعل ذلك بعد الانتهاء من المسودة كاملة، لكن يحدث أن يتوقف بعد كتابة مئة صفحة مثلاً، ويعيد التمعن في النص لبضعة أيام، وليس مجرد ساعات، لأن ذلك يساعده في تدوين الملاحظات حول ما يتعين عليه أن يكتبه تالياً كي ينجز العمل، لأنه في الغالب لا ينطلق من خطة واضحة المعالم عند الشروع في الكتابة، فالنهاية لا تلوح له إلا بعد أن يقطع شوطاً معتبراً في الكتابة، لأن الكتابة، برأيه، تمتلك إحساسها وشخصيتها المستقلة.

[email protected]

Advertisements