الارشيف / فن ومشاهير

سقوط إمبراطورية الوهم.. أبو هشمية سابقا

نقلنا لكم – بتجــــــــرد/محمد سعد خطاب: قبل عام واحد، غادرت جريدتى صوت الأمة على جناح غضب، شعرت به فور علمى بإتمام صفقة بيع الجريدة لرجل الأعمال أحمد أبو هشيمة سرا، من وراء ظهور أبناء الجريدة ومؤسسيها ومن بنوا مجدها طوال 16 عاما منذ أسسها كبير الصحافة الراحل عصام فهمى. لم يكن ورثة فهمى على قدر مسؤولية تركة أبيهم العظيمة، ولم أكن بدورى على قدر المتهاونين بضمائرهم المهنية ولا المهادنين من أجل المال الذى وعد به المالك الجديد صحفيي الجريدة وقياداتها، مقابل ثمن واحد فقط، ألا وهو إطاعة الأوامر والخضوع لريح الإدارة الجديدة ووكلائها. وعبثا حاول صديقى الدكتور عبد الحليم قنديل رئيس التحرير – وأحد أنزه القيادات فى الوسط الصحفى- عبر 4 لقاءات بيننا أن يثنينى عن الخروج الغاضب والمعلن، وأن يقنعنى مشكورا بقبول الكتابة المريحة فى صورة عقد عمل جديد بأى شرط.

كنت أقسمت على أن لا أدخل الجريدة إذا دخلها أبو هشيمة – أو من على شاكلته- رغم أننى لم أكن التقيته ولا عرفته عن قرب ولو مرة واحدة فى حياته وحياتى. كان دافعى الوحيد أن لا أخون قلما أشهرته فى وجه الفساد والأموال المشبوهة التى تدفقت فجأة تحت واجهات مزيفة مصنوعة لتخريب اقتصاد الوطن، وشراء ذمم الصحف ومن فيها، وكان نصيب الولد أحمد أبو هشيمة من هذا القلم تحقيق صادم نشرته فى مجلة روزاليوسف قبل الصفقة بأشهر قليلة تحت عنوان “شلة الفورسيزون الفاسدة” كشفت فيه عن دور الشاب الغامض، فى لعبة لا ترقى فوق مستوى الشبهات، بدأت من عمله بأموال محمد بن سحيم عم زوجة تميم أمير قطر، والذى يمتلك 70% من أسهم شركة حديد المصريين، وكيف بنى هذا الشاب كل تاريخه على علاقة نسائية بالفنانة هيفاء وهبي – مع احترامى لها- حيث زرع نفسه فى طريقها عنوة، عند زيارتها لمصر لإحياء إحدى الحفلات وأهداها سيارة هامر عبر منظم الحفل، لتكون تحت تصرفها طوال أيام الزيارة، ثم أخذ يتردد على أماكن وجودها، حتى فرض نفسه عليها وكسب صداقتها ثم الزواج بها، لتفتح له أبواب المال الخليجى فى الدوحة ولبنان ودول أخرى، مكنت أبو هشيمة فى ست سنوات فقط من حمل جواز سفر قطرى وآخر أسبانى، فيما لم يكن معروفا عنه قبل عام 2011 سوى أنه يحمل حقيبة رجل الحديد والحزب الوطنى فى بورسعيد عبد الوهاب قوطة بوصفه “سكرتيرا”.

ولأن ابو هشيمة ليس إلا واجهة هشة لمحافظ مالية لآخرين، لم يمانع فى تمويل جماعة الإخوان بعد وصولهم للحكم، كما لما يمانع فى تمويل وشراء مؤسسات إعلامية للحرب عليهم بعد سقوطهم، إلا أن هذه الحرب لم تكن لوجه الله والوطن بل لحساب مموليه، دون مراعاة للشريك الجديد المتمثل فى بعض الأجهزة التى أرادت تمويل وإدارة مؤسسات إعلامية بدوافع وطنية بحتة، لذا شعرت تلك الأجهزة بالصدمة مؤخرا من تبين خسارة مليار جنيه فى شركة إعلام المصريين على يد وكيل أبو هشيمة الحصرى وعراب إدارة الإعلام الخاص خالد صلاح.
لقد حول خالد كل المؤسسات التى دخلت تحت ولايته بالتبعيه إلى عزبة خاصة يغترف منها هو وأقاربه فى مناصب وهمية، فعين شقيقه جمال مدير بي أو دى براتب 50 ألف جنيه، وشقيقه فؤاد مديرا للسوشيال ميديا براتب مماثل، ونجله عمر مديرا للجودة براتب مماثل أيضا، فضلا عن زوجة شقيقه جمال وأختها وزوجها سالم وهبة، إلى جانب شادى أبو الحسن شقيق زوجته الثانية شريهان وشقيق زوجته، مع قائمة طويلة من أقارب الدرجة الثانية والأصهار وأصدقاء نجله.

لو أن أبو هشيمة كان ينفق على خالد وعائلته من ماله الخاص- بينما يحرم مئات الصحفيين العاملين لديه- لما قلنا شيئا، ولا قالت أجهزة الدولة التى استفاقت مؤخرا لتضرب على يد أبو هشيمة وتنزع منه هذه الأموال والامبراطورية الإعلامية التى كان يوهم النظام بأنها مسخرة فى خدمة الدولة. وهذا ما حذرنا منه، فرغم أن الرئيس السيسي لم يشاهد بصحبة رجل أعمال هنا أو هناك، ويتخذ منهم موقفا صارما وواعيا، ظهر مؤخرا فى تصريحه فى القمة الأفريقية بقوله “مش عاوزين رجال الأعمال يتشطروا علينا”، إلا أن دوائر حول الرئيس سمحت بهذه الفوضى والاستغلال صنعها حفنة أفاقين ومشبوهين من طبقة ما يطلق عليه رجال الأعمال الجدد، وإيهام الرأى العام بأنهم يتحدثون ويتحركون ويكسبون ويربحون باسم الرئيس والدولة.
فهل أن الأوان لملاحقة هؤلاء، وإزاحة كل الوجوه الكريهة فى البزنس والإعلام أمثال عمرو أديب الذى يتقاضى 25 مليون جنيه سنويا ليعرض طريقة طبخ السوشي على شعب تعانى أغلبيته من حرقة أسعار السلع الضرورية، وشقيقه الأكبر عماد الهارب من تنفيذ حكم قضائي فى مديونية لمؤسسة الأهرام المملوكة للشعب والذى دخل بوساطة إنسانية لحضور عزاء أمه، فإذا به يعود فى صورة واجهة للنظام، وذلك قبل أن تتصاعد الخسائر، وقبل أن يهرب هؤلاء بما جنوه ويلحقوا بحسين سالم فى أسبانيا التى يملك أبو هشيمة جنسيتها ويتردد أنه هرب إليها أيضا.

Advertisements

قد تقرأ أيضا