كان العالم النفسى الإيطالى فيتوريو بينوسى أول من اكتشف فى 1914 العلاقة بين الكذب ومعدل التنفس.. وبعد عام واحد فقط.. اكتشف العالم النفسى الأمريكى والمحامى ويليام مارستون العلاقة بين الكذب وضغط الدم.. وتوالت المحاولات والبحوث لينجح ضابط شرطة أمريكى اسمه جون لارسون فى 1921 لأول مرة فى كاليفورنيا فى استخدام البوليجراف.. أو جهاز كشف الكذب.

حين تتم مراقبة الضغط والنبض ومعدل التنفس واستجابة الجلد والتعرق أثناء توجيه أسئلة كثيرة.. والاعتماد على ذلك لمعرفة إن كان الإنسان يكذب أم لا.. وبدأت بلدان كثيرة تعتمد على جهاز كشف الكذب سواء فى تحقيقات وقضايا جنائية أو عالم المخابرات والجاسوسية وأيضا فى اختيار من يشغلون الوظائف المهمة والكبرى وبالغة الحساسية.

وقرر الرئيس الأمريكى رونالد ريجان فى 1983 إجراء اختبار كشف الكذب لكل المتقدمين لشغل وظائف فى سى آى إيه ووكالة الأمن القومى الأمريكى وإف بى آى ومكافحة المخدرات.. وبدأ كثيرون يكتشفون سنة بعد أخرى عدم دقة نتائج جهاز كشف الكذب التى لا يمكن الاستناد إليها لمعرفة من يكذب أو لا يكذب.. فليست هناك حسب قواعد الطب تغييرات فسيولوجية لا تحدث فى الجسم إلا عند الكذب فقط لتصلح دليلا على أن الإنسان يكذب.

كما أن الانسان بالتمرين والتجربة يستطيع التغلب على الجهاز ويكذب دون اكتشاف ذلك.. ولم يعد كثيرون فى العالم يعتمدون على هذا الجهاز الذى لم يبق موجودا بقوة إلا فقط فى الدراما والسينما.. ومن الواضح أن أندريه شيفشينكو هو أحد قليلين فى العالم لا يزالون يحترمون هذا الجهاز ويمنحونه ثقتهم المطلقة.. وكان أندريه هو لاعب الكرة الأعظم فى أوكرانيا ولعب لمنتخبها ونادى دينامو كييف الذى اعتزل فيه بعد التألق مع إيه سى ميلان وتشيلسى.

وقام بتدريب منتخب بلاده ونادى جنوه الإيطالى.. ولم يكن شيفشينكو حين تولى إدارة اتحاد الكرة الأوكرانى فى يناير الماضى راضيا عن أداء الحكام مثل معظم أهل الكرة فى العالم.. لكنه لم يفكر مثل العالم فى أفضل سبل إصلاح التحكيم إنما اتخذ قرارا هو الأغرب والأول من نوعه فى العالم.. فقد قرر شيفشينكو منذ أيام خضوع كل حكام الكرة فى الدورى الأوكرانى لجهاز كشف الكذب قبل قيامهم بإدارة أى مباراة.

وسيتم سؤالهم عن أنديتهم المفضلة التى سينحازون إليها وهل تقاضوا رشاوى أو هدايا من أى ناد ومسؤوليه.. ويعتقد شيفشينكو أنه بهذا الإجراء سينهى فساد التحكيم وسيكشف الحكام المرتشين والمنحازين.. ولا ينتبه شيفشينكو إلى أن هناك أخطاء لا علاقة لها بالفساد وأن الفاسدين تحديدا هم الأقدر على خداع جهاز كشف الكذب.

ياسر ايوب – المصري اليوم